كيف شهد عهد الملكة إليزابيث انهيار القوة البريطانية في الشرق الأوسط؟
راديو الأمل FM | سي إن إن
تقرير من زينة صيفي، ضمن نشرة الشرق الأوسط البريدية من CNN. للاشتراك في النشرة (اضغط هنا)
أبوظبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)– حين اعتلت الملكة إليزابيث الثانية العرش في عام 1952 كانت بريطانيا القوة المهيمنة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لكنها شهدت، في غضون 3 عقود فقط من حكمها، سيادة بلادها في الشرق الأوسط تنهار مع تقلص إمبراطوريتها.
كان جزء كبير من السيطرة التقليدية لبريطانيا في المنطقة متجذرًا في الأنظمة الملكية التي إما فرضتها أو دعمتها من خلال علاقات وثيقة مع عائلاتها الملكية. ولكن بحلول عام 1971، نالت جميع الدول تحت وصايتها في الشرق الأوسط استقلالها مع تصاعد تكلفة إدارة الإمبراطورية البريطانية.
مع ذلك، ظل النفوذ البريطاني في المنطقة قويًا، ولا سيما في دول الخليج، ليس أقله من خلال الملكة إليزابيث والنظام الملكي.
قال جيمس أونلي، أستاذ التاريخ في الجامعة الأمريكية في الشارقة الذي درس العلاقة بين بريطانيا ودول الخليج: “كان دور بريطانيا والإرث الذي خلفته في الخليج مختلفًا تمامًا عن الإرث الذي خلفته في فلسطين والعراق ومصر واليمن، حيث تم طرد بريطانيا أساسًا”. وأضاف أن “دول الخليج طلبت من بريطانيا عدم المغادرة حين أعلنت عام 1968 أنها ستسحب جيشها من الخليج”.
أقامت بريطانيا بعد انسحابها شراكات استراتيجية مع دول الخليج تشمل مصالح الدفاع والأمن والاستثمار والطاقة، ولعبت العائلة الملكية دورًا في حماية تلك العلاقة.
قال كريستيان أولريتشسن، زميل باحث في شؤون الشرق الأوسط بمعهد بيكر في جامعة رايس الأمريكية، لشبكة CNN: “لقد وفرت العائلة الملكية وسيلة لبريطانيا لإقامة علاقات طويلة الأمد مع النخب الحاكمة في المنطقة والحفاظ عليها، وخاصة في الخليج، بطرق يصعب على القادة السياسيين المنتخبين تكرارها، على الرغم من أن هذا لم يترجم دائمًا إلى نتائج قابلة للقياس للمصالح البريطانية في المنطقة”.
قامت الملكة بمجموعتين من الزيارات الرسمية إلى منطقة الخليج في عامي 1979 و2010، والتقطت صورها حينها وهي تضحك إلى جانب النخبة الحاكمة ما يظهر تقاربًا قويًا.
وقال أونلي إن عدد الزيارات المتبادلة بين أفراد العائلة الملكية البريطانية ودول الخليج يمكن مقارنته بزيارات العائلة الملكية إلى دول الكومنولث، مضيفا: “هذا أمر مثير للدهشة بالنظر إلى أن الخليج ليس جزءًا من الكومنولث، ولكن من نواح كثيرة، هو عضو بحكم الواقع. بريطانيا أكثر من مجرد حليف استراتيجي في الخليج، إنها عائلة من نواح عديدة”.
ذكريات الحكم البريطاني ليست محببة بهذا القدر في شمال العالم العربي. ينسب الكثيرون في الشرق الأوسط المظالم السياسية الحالية إلى عصر الاستعمار. ربما تكون وفاة الملكة إليزابيث الثانية قد أدت إلى تدفق مشاعر الحزن من البلدان التي كانت بريطانيا تسيطر عليها، لكن إرث ما تمثله كان يُنظر إليه أيضًا على أنه رمز للقمع.
قال عبد الرزاق التكريتي، أستاذ التاريخ بجامعة “براون” الأمريكية، لشبكة CNN، إن الملكة بدأت عهدها عندما كانت بريطانيا تحاول إعادة صياغة علاقتها مع الدول التي كانت تسيطر عليها من قبل. وأضاف: “في تلك الفترة، انخرطت المنطقة في مجموعة واسعة من الانتفاضات المعادية للاستعمار، ومحاولات للإطاحة بالهيمنة البريطانية”.
نجحت تلك المحاولات، وخضع نفوذ بريطانيا في الشرق الأوسط لتغيير جذري تحت حكم الملكة إليزابيث، حيث اختفت الهياكل الاستعمارية الآن إلى حد كبير.
وقال أولريتشسن: “يمكن وصف عهد الملكة بأنه الإشراف على إدارة انحدار بريطانيا كقوة إمبراطورية وعالمية، وهي الفترة التي تم تلخيصها بالتداعيات الناجمة عن أزمة قناة السويس في عام 1956، بعد أربع سنوات فقط من حكمها، والنضال من أجل إعادة بناء مكانة بريطانيا في المنطقة في السنوات التي تلت ذلك”.
وقال التكريتي إنه من الصعب على الناس في الشرق الأوسط الانتقال من تاريخ بريطانيا عندما يستمر تأثيره. وأضاف أن “الإرث البريطاني الأكثر بروزًا في المنطقة، والذي لم يتم حله أبدًا في عهد الملكة إليزابيث، هو قضية فلسطين. وكثير من الناس في المنطقة لم يغفروا لبريطانيا ذلك”.