الوطن العربي

رأي.. بشار جرار يكتب عن إليزابيث الثانية في عيون الشرق وأمريكا: هذه آخر وصايا الملكة الراحلة

راديو الأمل FM | سي إن إن

هذا المقال بقلم بشار جرار، متحدث ومدرب غير متفرغ مع برنامج الدبلوماسية العامة – الخارجية الأمريكية، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.

هذه ليست مقالة تأبين لأطول الملوك حكمًا في أعرق ملكية وديموقراطية في العالم. وما أنا بصدده ليس بمقال سياسي أيضًا. هي مجرد وقفات أمام هذه القامة العظيمة كإنسانة قبل أن تكون ملكة، صاحبة عرش الإمبراطورية الوحيدة في التاريخ التي لم تغب عنها الشمس.

الملكة التي لا تحكم لكنها تسود، لم تتحكم سوى بتلك الشعرة الفارقة بين الخاص والعام. دائما قدّمت العام -الصالح العام- على كل شيء. معلّمتها الأولى في ذلك، الملكة إليزابيث الأم، عقيلة الملك جورج السادس أبيها، والتي رفضت بعد تعرض قصر باكنغهام للقصف النازي إبان الحرب العالمية الثانية، النجاة بأسرتها في بلد يضمه العرش البريطاني والكومنويلث، كندا. اختارت بقاء الملك والشعب في خندق واحد.

الطفلة التي ولدت عام 1926، تربّعت على العرش سبعين عامًا – هي ثلث عمر أمريكا – وأطول عمرًا من قيام ملكيات وجمهوريات و(جملكيات: جمهوريات بالوراثة)، ونشوء وزوال دول وتكتلات لا بل تبدّل نظامين عالميين، بالأحرى ثلاثة.

هذه الطفلة صارت زوجة وأمّا وجدّة. تعاملت مع أزمات، بعضها عاصف، بحنكة حفظت هيبتها وهيبة عرشها وبلادها. أزمة (أو أزمات) الراحلة الأميرة ديانا بكل تفاصيلها وتداعياتها. أزمة خروج حفيدها – ابن تشارلز وديانا الأصغر – الأمير هاري وزوجته الممثلة الأمريكية السمراء ميغان ميركل، بخروجهما من العائلة المالكة وإقامتهما في الولايات المتحدة، قد يكونا الحدثان الأكثر دلالة على عظمة الملكة الراحلة كأم وكجدة ورأس للعائلة المالكة.

أما الملكة القائدة لخمس عشر دولة (من ضمنها كندا وأستراليا) ورابطة صداقة شعوب من ست وثلاثين دولة (الكومنويلث)، فقد عاصرت داخليا خمسة عشر رئيس وزراء بريطاني وأربعة عشر رئيس جمهورية أمريكي ناهيك عن علاقات وثيقة مع الأسر المالكة في العالم، ومن بينها الدول العربية حيث كان الراحل العظيم الملك الحسين عاهل المملكة الأردنية الهاشمية طيب الله ثراه، أول زعيم عربي تستقبله في لندن بعد توليها العرش.

“ماتت الملكة عاش الملك”.. فهل تغيّر قبلة – تعزية – طبعتها مواطنة بريطانية – بعد استئذان – على وجنة الملك تشارلز الثالث أمام قصر باكنغهام بروتوكولات الأسرة المالكة؟ هل يبقى “المنافح عن الإيمان” كلقب والدته الراحلة التي ترأس الكنيسة الأنغليكانية كصنو الدولة البريطانية؟ أم أنه كما تردد سيكون منافحا عن أديان البريطانيين كافة بكل طوائفهم ومذاهبهم ومعتقداتهم بما فيها اللادينية والإلحادية؟

هل يعلم بعض – المهووسين المتطاولين المسيئين المخجلين حقا- من الموتورين عبر تويتر وغيرها من منصات “التواصل” الاجتماعي، هل يعلمون أن حضرة الموت كبيرة جليلة مهيبة كائنا من كان الراحل إلى جوار ربه؟ هل يعلمون وصية إليزابيث الثانية وأغلى أمانيها؟ هذه ترجمة حرفية لكلماتها كما وردت على الموقع الرسمي للعائلة الملكية في بريطانيا العظمى: “كم أحبّه متمنية لقاءه لأضع تاجي عند قدميه”.

[ad_2]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى